واقع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة
في فلسطين
الخلفية التاريخية لحالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
تعتبر فلسطين من اوائل الدول التي عنيت بخدمات الأشخاص ذوي الإعاقة وذلك لارتباط خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة التي كانت تقدم بالجانب الخيري الديني حيث تركزت هذه الخدمات في مدينتي القدس وبيت لحم في إطار تنافسي بين المؤسسات المسيحية والإسلامية.
تطورت هذه الخدمات وتوسعت في بدايات القرن الماضي، ولكن مع احتلال الجزء الأول من فلسطين في العام 1948 تراجعت بشكل كبير هذه الخدمات نتيجة للنكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وظهور قضية اللاجئين والتي استرعت انتباه كافة المؤسسات الإغاثية، وحولت نسبة كبيرة من الدعم الذي كان يقدم لصالح دعم خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة، وبعد فترة من الزمن عادت مؤسسات الخدمات تتوسع وتتنوع في مناطق الضفة الغربية مع غياب كبير لهذه الخدمات في قطاع غزة ولكن مرة أخرى وقف الاحتلال الإسرائيلي حاجزاً دون تطور الخدمات عبر احتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في العام 1967.
في السبعينات بدأت الحركة تعود لمؤسسات تقديم الخدمات وبدأت تتوسع وتنتشر في أكثر من مدينة فلسطينية، وبدأت هذه الخدمات تنفتح على الغرب كون الدعم المقدم لهذه المؤسسات في الغالب من جهات ومؤسسات دولية حاولت بشكل أو بأخر نقل الخبرة من هذه الدول إلى المؤسسات الفلسطينية.
أخذت هذه الخدمات تتطور وتنتشر بشكل كبير في الثمانينات من القرن الماضي وخصوصاً مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) والضغط الكبير الذي مثلته الإعاقة الناجمة عن ممارسات الإحتلال في قمع الفلسطينيين ونقلت خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة نقلة نوعية في كافة المجالات.
حركة الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين:
في الفترة التي سبقت الانتفاضة لم يكن هنالك أي وجود لحركات الأشخاص ذوي الإعاقة كما لم يستفد الأشخاص ذوي الإعاقة من التغيرات التي أحدثتها الحركة الدولية في مجال قضايا الإعاقة كون الاحتلال لم يكن يقدم اي خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة.
ولكن بعد دخول الانتفاضة والتغييرات الجذرية التي أحدثتها في مفهوم المجتمع لقضية الإعاقة والذي نقل الإعاقة من وصمة عار في الأسرة إلى ارتباطها بالبطولة والفداء وأستمر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة من مصابي الانتفاضة في مواقع قيادية متقدمة في حركة الانتفاضة الأمر الذي أثر بشكل إيجابي كبير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة.
هذا الأمر دفع بعدد من الأشخاص ذوي الإعاقة إلى التحالف والالتقاء على فكرة ضرورة إيجاد جسم ما يتولى لبدفلع عن حقوق الأشحاص ذوي افعاقة خصوصاً بعد عقد مؤتمر مدريد للسلام وظهور بوادر لإقامة جسم كيان فلسطيني واالذي تجسد لاحقاً بإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية.
توصل هؤلاء الناشطون في العام 1991 من الوصول إلى تشكيل اول منظمة للأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين وهو الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين والذي أصبح فيما بعد الممثل الوحيد للأشخاص ذوي الإعاقة حيث أخذ هذا الاتحاد شكلاً مختلفاً عن حركات الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي حيث أن عضوية هذا الاتحاد كانت شخصية فردية مفتوحة أمام كافة الأشخاص ذوي الإعاقة من مختلف الإعاقات.
تطور الاتحاد وأخذ يتوسع في الانتشار حيث وصل إلى تغطية كافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بحيث يكون للاتحاد فرع في كل محافظة وضم في عضويته ما يزيد عن 25000 شخصاً، واستطاع أن يكون مؤثراً بشكل فاعل وكبير في مجال قضايا الإعاقة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتتوج هذا الأثر بشكل جلي في إقرار قانون حقوق المعوقين رقم 4/99 والذي تم إقراره بعد ثلاثة أعوام من العمل المتواصل مع كافة المؤسسات العاملة في قطاع الإعاقة ومؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.
حقبة الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى):
مع دخول الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 تراجع عمل كافة المؤسسات العاملة في فلسطين من جراء الإجراءات القمعية التي مارسها الاحتلال وتحويل الضفة الغربية إلى اكثر من 500 منطقة جغرافية معزولة بواسطة الحواجز والإغلاقات للمناطق وعزلها عن بعضها البعض.
تأثر الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين بشكل كبير من هذه الإجراءات إضافة إلى توجيه الدعم الذي كان يقدم للمؤسسات إلى قطاع الإغاثة لتلبية احتياجات المواطنين للمقومات الأساسية للعيش، كما أن عملية العزل الكلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة أدى انقطاع الاتصال والتواصل مع فروع الاتحاد في قطاع غزة مما أدى إلى فصل فروع الضفة الغربية عن فروع غزة.
كما تعرض الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين للتراجع في دوره وأدائه نتيجة للضغط الناجم عن انقطاع التواصل بين أعضائه وكذلك محدودية التواصل بين المركز والفروع الأمر الذي أدى إلى تراجع في حركة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وبعد انفراج الأوضاع جزئياً في بعد العام 2005 تم إعادة التنشيط لحركة الأشخاص ذوي الإعاقة وتم العمل على إعادة تفعيل الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين وتنشبطه في الدفلع عن حقوق الشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك أفرزت المرحلة السابقة لتراجع أداء الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين إلى إيجاد مبادرات جديدة لمنظمات للأشخاص ذوي الإعاقة مثل الاتحاد العام للصم وجمعية نجوم الأمل للنساء من ذوات الإعاقة والجمعية الوطنية للمكفوفين وعدد من الأندية الرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة.
الواقع الحالي:
في السنة الماضية والسنة الحالية هنالك تحرك كبير على مستوى حركة منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين وبدأ الواقع يتغير نحو الأفضل خصوصاً مع إعادة تفعيل عمل فروع الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين بالإضافة إلى عدد واسع من النشاطات التي نظمتها مؤسسة نجوم الأمل والاتحاد العام للصم.
كما أن إعادة التنسيق المباشر مع الوزارات والمؤسسات الحكومية في العمل على تفعيل منظومة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الأمر الذي يحقق تطور ملموس على حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مقارنة مع ما كان.
نزار بصلات
رئيس مجلس الإدارة
الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينين